ألغاز رحيل ميسي

شارك الرابط عبر

ألغاز رحيل ميسي

ألغاز رحيل ميسي

كانت الأمور تسير على ما يرام، ووفق ما خطط له تماما، ينتهي الموسم، يشارك ميسي في كوبا أميركا، وبعد الإجازة يصل إلى معقل برشلونة، ليخط عقد التجديد الذي يضمن بقاءه في النادي الذي أنشأه واحتضن موهبته، حتى نهاية المشوار.

وصل ميسي إلى الكامب نو وفقا للمخطط، لكن ما حدث بعد ذلك كان مفاجأة للجميع، بعد كل التمهيد الذي سبق عودة النجم الأسطوري إلى مقر ناديه الأم، فكان الإعلان المقتضب من النادي بأن الأمور انتهت، وميسي خارج برشلونة.

نسف ميسي ولابورتا كل التمهيد لعميلة التجديد، والذي بدأه ميسي شخصيا بإعلان الحرب على الرئيس السابق بارتوميو، ثم دعم لابورتا عندما توجه لصنادق الانتخاب في لفتة تشير إلى تأييده لخطوة تنحية الرئيس السابق، ودعم الرئيس اللاحق والذي كانت التوقعات تشير له بشكل كبير، ومن ثم الحضور شخصيا مرة أخرى لحفل تنصيب لابورتا ومجلسة، بل وإعطاء انطباع بسعادته بما حدث عندما استقبل كلمات الرئيس الجديد التي تؤكد الثقة بأن ميسي سيبقى.

طيلة فترة الترقب، لم يصدر أي شيء عن ميسي أو محيطه، واحترم الجميع رغبته في تحقيق الحلم برفع أول كأس مع بلاده الأرجنتين، وكانت الفرصة سانحة في كوبا أميركا ونجح في تحقيق مراده، ثم احترم الجميع مرة أخرى رغبته في أخذ قسط من الراحة بعد موسم طويل وشاق، في الوقت الذي كان لابورتا يؤكد فيه الثقة بأن ميسي باق في المعقل الكتالوني وأن كل ما يحتاجه الطرفان هو التوقيع على العقد الجديد.

إذا ما الذي فجر الموقف؟ ولماذا انتهت الأمور بعد الاجتماع الرسمي الأول الذي ضم ميسي وبجانبه والده ووكيله، وفي الجهة المقابلة لابورتا؟

الظاهر للعيان أن الأزمة افتعتلها الليجا، ممثلة برئيسها تيباس، التي أصرت على موقفها فيما يتعلق بالملاءة المالية للأندية الإسبانية، ووضع شروط مشددة على رواتب اللاعبين، وعدم تضخمها بشكل يؤثر على ميزانية النادي ويرهقها بالديون، في محاولة لاستيعاب تبعات كورونا، وتحقيقا لمبدأ اللعب المالي النظيف، وفي الباطن تتفاقم الأزمة بين تيباس من ناحية، وبرشلونة وريال مدريد من ناحية أخرى بسبب موقفه من دوري السوبر الأوروبي، ولعبه دورا مؤثرا في تجميده، والسعي لمعاقبة عملاقي الليجا بالتنسيق مع رئاسة الاتحاد الأوروبي، بسبب ما اقترفاه من جرم، وإصراهما على المضي قدما في هذه الخطوة، وعدم الإعلان عن الانسحاب منها، ثم رفض توجهاته مع الصندوق المالي الضخم لدعم أندية الليجا.

والظاهر أيضا، أن برشلونة استغل أزمة ميسي، ليرمي الليجا بسهم قاتل، ويجيّش الجماهير ضدها، ويشعرها بأن رحيل ميسي سببه تيباس وسياسته التي ستؤدي في النهاية إلى تراجع قيمه الدوري الإسباني مع رحيل أعظم نجومه، وخلو الساحة من المواهب القادرة على جذب المشاهدين لمتابعة مبارياته.

وهناك أسباب أخرى، يرى المحللون أنها تقف وراء رحيل ميسي ومن ضمنها رغبته بجمع المزيد من الأموال، على الرغم مما شاع بأنه ضحى بنصف راتبه في سبيل التجديد، وغيرها من الشائعات التي افترضت أن ميسي غير راض عن تخفيض راتبه في الوقت الذي رفض فيه بعض اللاعبين الآخرين هذه الخطوة، وخاصة جريزمان وكوتينيو وألبا، وثالثة تشير إلى أن ميسي لم يعجبه شكل الفريق في الموسم الجديد، وأن الصفقات التي تم إبرامها لا تتناسب مع تطلعات المنافسة.

حقيقة لم يتدخل ميسي يوما في عمل الإدارة أو الجهاز الفني، وأثبتت الوقائع على الأرض أنه يركز على نفسه وعمله فقط، وكانت واقعة إهانة رفيق دربه سواريز وطرده من برشلونة، أكبر دليل على ذلك، حيث لم يبد أي تأثر بما حدث، وواصل عمله دون أي كلل.

الشائعات كثيرة والحقائق نادرة وقد لا تظهر في الوقت الحالي، لكن الثابت أن ميسي صنع مجدا مع برشلونة، وحقق مع هذا النادي إنجازات خرافية في زمن قياسي، وأعاده إلى طريق المنافسة محليا وأوروبيا وعالميا، وجعل منه علامة تجارية توجته على عرض أفضل الأندية وأغناها، طيلة فترته الذهبية التي لن تنسى من ذاكرة عشاق البارسا في جميع أرجاء العالم.

صندوق التعليقات